المغالطات السردية

حسنا من أين أبدأ؟…آه نعم…سبب كتابتي للتدوينة في الأساس كانت أثناء قراءتي لكتاب The Everthing Store ، فحين قابل جيف بيزوس مؤلف الكتاب براد ستون سأله بيزوس “كيف ستتعامل مع المغالطات السردية في قصة أمازون؟”.

لنبتعد عن بيزوس ونتحدث عن مفهوم المغالطة السردية.

لايوجد سبب واحد للنجاح

لنفترض أنه في أحد الأيام تمكنت من الوصول من منزلك إلى العمل في 10 دقائق فقط، فهل يمكنك القيام بهذه الرحلة بشكل يومي وفي نفس المدة؟ بالطبع لا، لأن رحلتك تحتوي على الكثير من المتغيرات التي لاتستطيع أنت السيطرة عليها والتي ساعدتك على الوصول في هذا الوقت القصير (مثل حركة السير وإشارات المرور…إلخ إلخ).

قصص النجاح التي تملئ الصحف تخضع لنفس الشيء فأنت حين تقرأ عن قصة نجاح فيسبوك أو تويتر مثلاً فأنت تستمع لقصة المؤسس فقط وكيف كافح من أجل الوصول إلى المجد وهذا في حد ذاته مغالطة كبيرة لأنه يمحي وجود أي أسباب أخرى ساهمت في صنع النجاح.

قصة النجاح مثل الفيلم، تحتاج إلى طاقم عمل كامل من مخرج ومنتج وتصوير ومهندس صوت وإضاءة وغيرها. الفيلم لايُصنع بالممثلين فقط مهما كانوا جيدين. لكننا لا نسمع عن الجهود التي قام بها المخرج أو طاقم التصوير وكل مانراه هو الممثل الذي نظن أنه سبب النجاح الوحيد، ولكن أن تتخيل أن يكون الإخراج سيئاً أو أن تكون الإضاءة قاتمة بعض الشيء ليتحول الفيلم من تحفة إلى كارثة.

بعد ماسبق أظن أنني أستطيع أن أعرف المغالطة السردية (بحسب فهمي) بأنها سرد الحدث مع سَيق الأسباب التي تجعل النتيجة النهائية تبدو منطقية بسبب قصور عقولنا عن إدراك الكثير من الأمور الأخرى التي كانت سبباً في الوصول إلى النتيجة النهائية (مثل أن نقول أن أداء الممثل هو سبب نجاح الفيلم الوحيد).

إذاً في المرة القادمة التي تستمع فيها إلى قصة الرجل العصامي الذي شق طريقه بيديه ذون مساعدة الأخرين حاول أن تأخذ بالمثل القائل “خذ نصف الكلام وإرميه في البحر” لأن هناك ظروف أخرى ساعدت الناس على النجاح ولكنهم لايدركونها.

هل هي دعوة للإكتئاب وعدم محاولة تقليد الناجحين؟ بالعكس هي دعوة للنجاح والفشل مرة ومرتين وثلاث…لأنك مع كل فشل ستدرك أن السبب ليس عيباً فيك (مع أنه إحتمال وارد)، بل لعل الظروف المحيطة لم تخدمك بشكل جيد ولكن هذا الشيء قد يتغير في المرة القادمة.


مرجع:
http://en.wikipedia.org/wiki/The_Black_Swan_(2007_book)#The_narrative_fallacy

تم النشر في
مصنف كـ عام

بواسطة ثمود بن محفوظ

كاتب، ناقد وبودكاستر في التقنية، الألعاب والمجتمع.